قطر الندى عضو جديده رائع
عدد الرسائل : 78 العمر : 34 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/08/2008
| موضوع: سيكولوجية الدفاع عن النفس >>>>>>>>>>>>>. الثلاثاء أغسطس 19, 2008 7:01 am | |
| سيكولوجية الدفاع عن النفس
بسم الله الرحمن الرحيم سأل الله موسى عن عصاه: «وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى». والسؤال ما هي المآرب الأخرى التي لم يفصح عنها؟ قد تكون لإسقاط الثمر وقد تكون «للدفاع عن النفس». وتبقى كلمة مآرب أخرى مفتوحة لاحتمالات كثيرة.
والدفاع عن النفس غريزة من أجل البقاء. ولكن مشكلة الدفاع عن النفس تختلط أحياناً بالهجوم فيصعب تحرير «الدفاع عن النفس» عن «الهجوم على الآخرين». فإن الهجوم خير وسيلة للدفاع. وحسب الفيلسوف نيشته فإن الكل يبني «وزارات دفاع» وهذا يحمل سوء النية المبطنة بالآخرين. ووزارات الدفاع بنيت في حقيقتها للهجوم. ومن دافع هاجم. فلا يعرف من هاجم ومن هوجم؟ والولع بالألفاظ لا نهاية له. وحسب محمد عنبر في كتابه «جدلية الحرف» أن كل كلمة تحمل نقيضها.
وفي القرآن عرض لاستراتيجية مختلفة هي عدم «الدفاع عن النفس». «لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي لأقتلك» وهي من آخر ما نزل من القرآن. ولكن هذا المفهوم ملغي عند المسلمين. ويعتبرون أن الآية منسوخة بآية السيف. وهي ليست كذلك. ولو كان من غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا.
وغريزة الدفاع عن النفس أصلية في نفس الإنسان. وهي خلقت من أجل المحافظة على العضوية. ولولا الغضب والخوف ما بقينا على قيد الحياة. وهو ما يعرف بالذكاء العاطفي. ومركزها ليس في الدماغ العلوي الكبير بل في أشد المراكز البدائية ظلاما في تلافيف الدماغ. ونشترك مع الحيوانات فيها. فكما تخاف القطط من الكلاب نخاف نحن من الأفاعي.
وكتب دانييل جولمان كتابا كاملاً بعنوان الذكاء العاطفي «Emotoinal Intellegence» توصل فيه إلى خلاصة مثيرة عن «دورة العواطف في المخ». وكما كانت هناك دورة دموية في العروق فهناك دورة عاطفية في المخ تربط لوزة «الاميجدالا» في الدماغ المتوسط مع القشر الدماغي. والذكاء الإنساني المقاس بواسطة (IQ) غير دقيق ما لم يدخل العنصر العاطفي فيه.
ويرى الفيلسوف برتراند راسل أن العواطف هي وقود الأفكار. والفكرة لا تعمل بدون طاقة من العاطفة. كما لا تترسخ بدون شحنة من الانفعال. والقرآن قال عن الآيات إنها تقشعر منها جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم لذكر الله. ولم ينزل القرآن «جملة واحدة» بل على مكث لأنه لم يكن كتاب فلسفة بل تربية.
والخوف غريزة في النفس أساسية بسبب ارتباطها بالبقاء. «ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض». ومنه شرع الجهاد المسلح للدفاع عن المظلومين في الأرض. ولولا ذلك «لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا. ولينصرن الله من ينصره».
وبذا يجب أن يكون المواطن الصالح فردا متمرنا جيدا على الفنون القتالية ويجيد السباحة والرماية ويثب على الخيل وثبا وأن يكون رياضيا يتمتع بالقوة العضلية المناسبة. وأن يتدرب على فنون القتال واستعمال الأسلحة البسيطة والمعقدة للدفاع عن النفس بتوجيه ضربات فنية ليس للقضاء على الخصم بل لردعه عن ممارسة الظلم. ثم الإمساك به وتسليمه للقضاء. وهذا الكلام ينفعنا في التفريق بين تشغيل غريزة الدفاع عن النفس التي هي أساسية للبقاء
ويجب أن نستوعب المفهوم السلامي جيدا. وفي اليابان يدربون الناس على القتال الفردي من أجل الدفاع عن النفس ويقولون له في الدرس الأول إنك تتعلم هذه الرياضة ليس من أجل توليد الصراعات بل من أجل إخمادها. ومنه يجب أن يكون الفرد دوما مدربا قوي البدن. والمؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف.
ويروي دانييل جولمان في كتابه «الذكاء العاطفي» أن صديقه تيري روبنسون ذهب الى اليابان من أجل تعلم نوع من المصارعة اليابانية المتميزة اسمها «الآيكيدوAikido» ويستطيع صاحبها رمي خصمه بضربة فنية. وكان قد خرج لتوه من نادي المصارعة بعد تمرين طويل استمر ثماني ساعات فخرج وعضلاته قد انتفخت بما فيها الكفاية لرمي أي خصم ففوجئ برجل عملاق مخمور يصعد القطار معه إلى ضاحية في طوكيو. التفت الرجل السكير وهو يزأر فناول لكمة إلى امرأة بجانبه فطارت هي وطفلها إلى حضن رجلين مسنين سارعا معها إلى الاختفاء في نهاية المقصورة. ثم إنه وهو يترنح أذاق العديد من الجالسين اللكمات وبذيء الكلام ولم تكن الشرطة حاضرة. هيأ تيري نفسه للصراع وشد على قبضته. وكان يتذكر قول معلمه: «إن المصارعة اليابانية هي فن المصالحة; فمن يفكر في القتال ينفصل عن الكون، لأنك لو حاولت السيطرة على غيرك فقد هزمت بالفعل. نحن نتعلم الآيكيدو كي ننهي الصراعات; لا كيف نبدأها»، حدق المخمور في وجهه ثم قال: أجنبي حقير وتوتر الجو. وفي هذه اللحظة خرج صوت شديد من كرسي في الخلف إنما في غاية المرح: هيه.. أنت يا صاحبي. التفت السكير فإذا برجل مسن يشير إليه بالاقتراب. حدق السكير وقال عليك اللعنة لماذا أتحدث معك؟ قال بصوت مرح دافئ ماذا شربت أخبرني؟ أجاب: السكير ولكن ما شأنك أنت؟ قال: حسنا إنها شرابي المفضل أشربه كل ليلة مع زوجتي في الحديقة الخلفية تحت ظلال الزيزفون. انفرجت أسارير السكير وأجاب أنا أحب شجر الزيزفون. قال المسن: يبدو أن عندك زوجة رائعة. عندها انفجر المخمور يبكي بصوت عال: لقد فقدت كل شيء، زوجتي ووظيفتي وبيتي. لقد ماتت زوجتي من فترة قريبة. أنا خجل من نفسي ثم انتحب. قال العجوز لا بأس عليك تعال. ثم أدناه إلى حجره وبدأ يقص عليه أكثر. وعندما غادر تيري القطار كان العملاق يتمدد كالحمل الوديع في حجر الرجل المسن.
| |
|